نيسان ماكسيما 2019: المركبة التي لا تعترف بالقواعد

تحسينات "محدودة" تصميميًا.. مع سلامة وتقنيات معزّزة

قبل نحو أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، ظلّ مفهوم العروض الرياضية مقتصرًا ومُختزلًا في كل سيارة تتمتّع بجسد من بابين أو مقعدين اثنين. وحدها نيسان ماكسيما بجيلها الثالث الذي قُدم مطلع التسعينيات من القرن الماضي، هي من نَجحت في كَسر هذه القاعدة؛ إذ ساعد محرّكها القوي فئة V6 ومقصورتها العصرية الفخمة وأيضًا خطوطها الخارجية الجذّابة في تقديمها لفئة جديدة تُعرف باسم السيارات الرياضية رباعية الأبواب!

ومع مرور الوقت، جنبًا إلى جنب مع التحسينات المستمرة التي دأبت نيسان على إلحاقها بموديلها العائلي رباعي الأبواب ماكسيما، سطّرت الأخيرة لنفسها سجلًا مُشرّفًا انعكس في صورة مبيعات مميّزة على مدار سنوات عديدة.

لكن، مع ازدياد المنافسة يومًا بعد يوم وتقديم عروض مميّزة مِن الصانعين المنافسين؛ اكتفت ماكسيما -على ما يبدو- بالنجاحات التي وصلت إليها، الأمر الذي جعلها خيارًا آخر تقليديًا مِن بين العديد من الخيارات الأخرى أمام الزبائن، بعدما كانت، ولسنوات عديدة، الخيار المُفضّل الأوحد لهم.

تبدّل الأمر كله مع تدارك الصانع الياباني لخطئه، وإطلاق جيل سابع لا يشبه إلا نفسه من ماكسيما في عام ٢٠٠٨، تلاه إطلاق جيل ثامن أفضل على كافة الأصعدة في عام ٢٠١٥، لتنجح نيسان في آخر المطاف في إحياء مفهوم السيارات الرياضية رباعية الأبواب مُجدّدًا، من خلال مظهر ديناميكي عصري من مختلف الجوانب، وإن بات أكثر راديكالية، مع تجهيزات تقنية متطوّرة بتصرّف السائق، والارتقاء بمكوّنات المقصورة التي باتت أكثر ترفًا عن أي وقت مضى. وفوق هذا وذاك، الاستعانة بمحرك قوي فئة V6 سعة ٣.٥ لترات.

ومن خلال نافذة معرض لوس أنجلس للسيارات ٢٠١٨، قدّمت نيسان نسخة محسّنة من الجيل الثامن من ماكسيما، تميّزت ببعض التحسينات التصميمية الخارجية “المحدودة”، وإضافة باقة عريضة من التقنيات المتطوّرة المتعلّقة بالسلامة والأمان، أملًا في إيقاف تردّي المبيعات، ليس فقط مع ماكسيما؛ لكن مع كافة عروض السيدان الأخرى بالأسواق!

تحسينات على نار هادئة

لم تقم نيسان بإخضاع موديلها ماكسيما لتحسينات خارجية واسعة؛ إذ ظلّ التصميم العام وفيًا للطراز السابق، انطلاقًا من أن هذه هي تحسينات منتصف العمر لهذا الجيل الذي قُدم في عام ٢٠١٥. ومن أبرز التحسينات الجديدة، يمكن ذكر المصابيح الرئيسية فئة LED وشبك التهوية الأمامي المحدّث على هيئة حرف V، والذي جاء حاليًا أكبر ويمتد حتى الزوائد البلاستيكية سوداء اللون للصادم الأمامي، ناهيك عن التصميم الجديد لمخارج العادم المزدوجة.

مقصورة محسّنة تركّز على التقنيات والسلامة

مقصورة ماكسيما الجديدة التي تتّسع حتى خمسة ركاب، حافظت على تصميمها السابق الذي يُعرف باسم “الجناح المُحلّق”، وهذا أمر جيد جدًا لا سيما وأن هذه اللغة التصميمية ترتكز على الأسطح الأفقية وسهولة الوصول للأزرار وعتلات التحكّم. ويجدر الإشارة كذلك إلى أن تشكيل لوحة القيادة ولوحة العدّادات يعتمد بشكل كبير على ذلك الذي رأيناه مع النموذج التصوّري “سبورت سيدان” الذي قُدم بمعرض ديترويت ٢٠١٤.

وتستعين ماكسيما الأحدث لعام ٢٠١٩ بلمسات فخمة معزّزة في مقصورتها الداخلية، إلى جانب اعتماد مكوّنات أنعم عالية الجودة. وبرغم أنه يتعيّن على الزبائن اقتناء الفئات الأعلى تجهيزًا للحصول على أفخم المكوّنات، فإن الفروقات السعرية بين الفئات التجهيزية ليست كبيرة؛ مما يعني إمكانية اختيار الزبائن للفئة التي يرغبونها بكل سهولة. وتأتي الفئة ماكسيما SR، على سبيل المثال، بلمسات كرومية داكنة وزوائد ألكانترا برتقالية اللون، إلى جانب خيوط مطرّزة برتقالية اللون بدورها.

وهناك باقة SR Premium Package التي تستفيد من سقف بانورامي من لوحين، إلى جانب تجهيزات تقنية وأنظمة إلكترونية متنوّعة تُعزّز من مستويات السلامة والأمان، منها نظام “دِرع السلامة ٣٦٠” العائد لنيسان، والمتضمّن لنظام متطوّر للمساعدة على رَكن وصف السيارة باستخدام كاميرا محيطية شاملة ذكية.

ويأتي نظام “درع السلامة ٣٦٠” متوافرًا للمرة الأولى مع ماكسيما لعام ٢٠١٩. ويوفّر هذا النظام كبحًا تلقائيًا مع رصد للمشاة ونظام للتحذير من تخطي المسار وآخر للتحذير من الزوايا الجانبية غير المرئية، إلى جانب نظام التحذير من مرور سيارات بالجهة الخلفية في أثناء خروج ماكسيما من الأماكن المخصّصة للركن والاصطفاف، ناهيك عن الكبح الأوتوماتيكي الخلفي.

وبالرغم من أن المساحات الداخلية لماكسيما الجديدة ليست الأكثر رحابة في فئتها، فإن كل عنصر من العناصر الداخلية جرى اختياره بعناية فائقة؛ فالمكوّنات عالية الجودة ومن الطراز الأول وبعضها يُجاري المكوّنات التي نراها في معظم العروض النخبوية في الأسواق. أيضًا، جاءت المقاعد الأمامية مريحة، وإن لم تأت المقاعد الخلفية بنفس الدرجة من الراحة!

وبالنسبة لسعة التحميل في صندوق الأمتعة، فنجدها لم تتجاوز الـ٤٠٠ لتر، وهي بذلك متخلّفة بشكل كبير عن المنافسين الذين يوفّرون مساحات تتراوح ما بين ٤٥٠ و٥٦٥ لترًا!

كما لا يمكن غض الطرف عن تعزيز مستويات العَزل الصوتي داخل المقصورة من خلال تفعيل نظام “الإبطال النشط للضوضاء” ANC الذي يعمل على الحدّ من الأصوات غير المحبّبة ذات التردّدات المنخفضة.

وبخلاف جودة المكوّنات المعتمدة وتحسين مستويات العزل الصوتي، باتت مقصورة ماكسيما تتضمّن تجهيزات راحة وترف متنوّعة، منها المقاعد الأمامية التي يُمكن ضبط وضعيتها كهربائيًا وفقًا لأكثر من اتجاه، فضلًا عن مثبّت السرعة ونظام الدخول السهل دون استخدام المفاتيح التقليدية، إضافة إلى مفتاح تشغيل المحرّك والنظام الصوتي عالي النقاء، وأيضًا المكيّف الفعّال الذي يُمكن برمجة خياراته أوتوماتيكيًا، وتقنية البلوتوث لإجراء المكالمات الهاتفية لاسلكيًا ووصلات الناقل العام USB وغيرها.

محرك نشط فئة V6 بقوة 300 حصانًا

على الصعيد الميكانيكي، ما زالت ماكسيما الجديدة لعام ٢٠١٩ تستعين بالمحرك السابق من فئة V6 بسعة ٣.٥ لترات، وهو يتبنّى تقنية التحكم المتغاير بتوقيت فتح وغلق الصمامات وزاوية هذا الفتح. ويولد هذا المحرك ٣٠٠ حصان عند ٦٤٠٠ د.د، مع أقصى عزم دوران يبلغ ٣٥٤ نيوتن-متر عند ٤٤٠٠ د.د. ويتصل المحرك بعلبة تروس متطوّرة متبدّلة باستمرار فئة إكسترونيك CVT، مع إمكانية تعشيق النسب يدويًا من خلال العتلات المثبّتة خلف المقود مع فئة SR التجهيزية فقط.

ويمكن لماكسيما الجديدة اختراق الحاجز المئوي من السكون في غضون ٦ ثوان تقريبًا، وهذه أرقام مميّزة وتتعادل مع موديلات أخرى شأن شيفروليه إمبالا التي تصل للسرعة نفسها في ذلك التوقيت تقريبًا.

ويَكفل نظام التوجيه الرياضي المعدّل وكذا المكابح الجديدة، ناهيك عن الاستعانة بأفضل نظام تعليق في تلك الفئة من العروض، نفسًا رياضيًا محبّبًا وسلوكًا ديناميكيًا مميّزًا لماكسيما.

ويتوافر كذلك نظام “محدّد وضعية القيادة” مع وضعيتي “سبورت” أو الرياضية و”نورمال” أو التقليدية. كما آثر مهندسو نيسان اعتماد أنظمة التعليق أمامية مستقلة مكوّنة من نوابض حلزونية وعارضة وسطية مانعة للتمايل الجانبي بماكسيما الأحدث، جميعها مصنوعة من الألمنيوم المتين وخفيف الوزن معًا، فضلًا عن نظام تعليق خلفي متعدد الوصلات وعارضة وسطية بدورها. أنظمة الكبح المتوافرة لماكسيما باتت أكثر فعالية، من خلال اقراص كبح على العجلات الأربع.

نيسان ماكسيما الجديدة.. ما لها وما عليها

يَصعب عدم الوقوع في حب ماكسيما المحسّنة لعام ٢٠١٩، وبوصفها أعلى عروض نيسان السيدان وأكثرها فخامة، من الطبيعي أن تأتي التحسينات الجديدة مُبهرة ومُعبّرة عن مكانتها لدى الصانع الياباني.

ويُمكن القول إن هناك العديد من التحديثات الجديدة التي تقنع الزبائن لدَفع أكثر من ٣٠.٠٠٠ دولار أمريكي على ماكسيما المحسّنة؛ لا سيما الباقة العريضة من تجهيزات السلامة والأمان والتقنيات المتطوّرة التي باتت مُدعّمة قياسيًا الآن بكافة فئات ماكسيما.

وبرغم الصعوبات التي تلاقيها فئة عروض السيدان بوجه عام؛ مِن نزيف في المبيعات لصالح الشاحنات الخفيفة وعروض الـSUV والكروسوفر التي باتت تهيمن على مبيعات السيارات حاليًا، فإن كل الآمال معلّقة على ماكسيما لتحاول أن تُعيد الكفّة لصالح تلك الفئة من العروض مرة أخرى!

وما زلنا نرى أن الجيل الثامن من ماكسيما هو الأفضل من بين كافة الأجيال الأخرى التي تعود جذورها لمطلع الثمانينيات من القرن الماضي، كما أن تلك النسخة المحسّنة هي إضافة مميّزة لهذا الجيل الذي قُدّم في عام ٢٠١٥ الماضي، لا سيما مع الاستعانة بمقصورة داخلية عالية الجودة ولمسات محسّنة على الخطوط الخارجية، فضلًا عن محرك بأداء جيد للغاية يسفر عنه معدلات استهلاك مميّزة من الوقود.

أما عن أبرز مَواطن الضعف في ماكسيما الجديدة، فتكمن دون شك في سعة التحميل المحدودة للغاية بصندوق الأمتعة، وأيضًا المساحات المخصّصة لرؤوس وأرجل الركاب في قسم المقاعد الخلفية، والتي جاءت متواضعة بالنسبة لطوال القامة تحديدًا والذين من المرجح أن يعانوا إذا ما جلسوا في الخلف!

 

قد يعجبك ايضا