نيسان ميكرا الجديدة: … وبدأت الثورة
عندما أطلت نيسان ميكرا للمرة الأولى في السوق اليابانية في خريف عام 1982، كان الغرض الأساسي منها يتمثل في منافسة عروض هوندا سيتي وتويوتا ستارلت، كما أنها جاءت لتخلف الطراز الشقيق نيسان شيري الذي نمى حجمه وقتذاك بدرجة ملحوظة وخرج عن فئة عروض السوبر-ميني. وعلى مدار أجيالها الأربعة، لم تتغير ميكرا كثيرًا، إذ حافظت على هيئتها الأشبه بالفقاعات والتي كانت تبعث على الملل بشكل كبير، لا سيما لجهة المصابيح الرئيسية الدائرية والخطوط العامة الفاترة غير الجذابة. كل ذلك تغيّر جذريًا مع الكشف عن الجيل الخامس الأحدث من ميكرا من خلال معرض باريس الدولي للسيارات في أيلول (سبتمبر) الماضي.
لم تستعِر ميكرا الجديدة كليًا أي شيء من الجيل السابق سوى الاسم. وباستثناء ذلك، جاءت ميكرا بتصميم عصري للغاية، جديد تمامًا، في الداخل والخارج، جنبًا إلى جنب مع باقة واسعة من تقنيات السلامة والأمان المتطورة، فضلاً عن الاستعانة بخيارين من المحركات: محرك مستعار من رينو من ثلاث أسطوانات سعة 0.9 ليتر مزوّد بشاحن هواء “توربو”، وآخر ديزل من أربع أسطوانات سعة 1.5 ليتر.
ومِن المنتظر أن يتم إنتاج وتجميع تلك “السوبر ميني” خماسية الأبواب الجديدة كليًا في مصنع رينو الفرنسي “فلينز” للاستهلاك الأوروبي، ومن المرجح أن يتم تجميعها وإنتاجها كذلك في الهند واليابان والصين والمكسيك وتايلاند وإندونيسيا، مثلما كان الحال مع الجيل السابق.
خطوط “ثائرة” على التقاليد المملة
إذا ما لخّصنا الأجيال الأربعة السابقة من ميكرا، على الأقل على صعيد التصميم الخارجي، يمكن القول إن الجيل الأول كان مملاً للغاية ويغلب عليه الطابع “الصندوقي” الصغير رغم أن العديد أشاد بوزنه الخفيف. أما الجيلان الثاني والثالث اللذان تم إنتاجهما في مصنع ساندرلاند الإنكليزي، فكانت خطوطهما الخارجية وقورة الطابع وبسيطة دون تعقيدات كثيرة. ومع طرح الجيل الرابع في الأسواق في عام 2010، لم نجد طفرة تصميمية مقارنة بالجيل الذي سبقه، بل كان يمكن بسهولة التعرف على ميكرا بوصفها جيلاً أحدث للطراز نفسه، أكثر نضجًا وحيوية.
وبالانتقال إلى الجيل الخامس الأحدث، نجد أنه “ثار” حرفيًا على التقاليد التصميمية الموروثة من الأجيال السابقة؛ فكلما تستقر عيناك على جزء من أجزاء الجسد الخارجي، يمكن بسهولة أن تدرك أنه جديد كليًا. وفي هذا السياق، هناك شبك تهوئة أمامي جديد على هيئة حرف V، جاء بدوره أكبر حجمًا وأكثر حضورًا مقارنةً بالطراز السابق؛ علمًا بأنه عوضًا عن الاستعانة بشبك تهوئة رئيسي صغير بأعلى وآخر سفلي موازٍ كبير يعمل عمل الحاجز الهوائي، استفادت ميكرا الأحدث من شبك تهوئة أحادي كبير من قطعة واحدة مع دعامة كرومية أعرض وأكبر حجمًا على شكل حرف V.
ويستعين غطاء المحرك بالخطوط الهجومية الجريئة مفتولة العضلات المدمجة بالرفاريف وجوانب السيارة. أما المصابيح الرئيسية فهي جديدة بدورها وتمتد حتى الرفاريف الأمامية، علمًا بأنها باتت حاليًا أقصر وأعرض من السابق، كما تتضمن داخلها أضواء LED. وجاءت مصابيح الضباب بشكل مستطيلي معزز ومثبتة بوضعية إلى الداخل أكثر مقارنة بالسابق.
وبالنسبة إلى الجوانب، فقد بات واضحًا أن ميكرا تحولت إلى سيارة جديدة كليًا وهو كل ما يستحقه ذلك التطور من جيل إلى آخر؛ إذ تمتد الخطوط مفتولة العضلات بغطاء المحرك حتى منتصف الباب الأمامي بزاوية مائلة، قبل أن تتخذ هيئة خط مستقيم يلتقي المصابيح الخلفية. وفوق هذا وذاك، جاءت المرايا الجانبية مثبّتة بوضعية أسفل على الباب الأمامي عوضًا عن تثبيتها في زاوية النافذة الجانبية الأمامية. أيضًا، جاء الباب الخلفي مختلفًا كليًا سواء على صعيد تصميم الهيكل أو زجاج نافذته، مع اعتماد مقابض باب خلفية مختفية.
وعلى المؤخر، هناك سقف “طافٍ” ومصابيح خلفية على هيئة “بوميرانغ” تبرز بشكل ثلاثي الأبعاد للخارج، كما أن أضواء الرجوع إلى الخلف جرى دمجها بمنتصف المصابيح الخلفية، ناهيك عن تثبيت أضواء الكبح في وضعية سفلية للغاية بمنتصف نهايات الصادم الخلفي. أيضًا، تبلغ معدلات الانسيابية لميكرا الجديدة 0.29 درجة على مقياس “سي إكس”، وهي نسبة عالية ومميزة في تلك الفئة من عروض الهاتشباك خماسية الأبواب.
وعلى مستوى المقاسات، أشير الى أن ميكرا الجديدة زاد طولها 174 ملم، عرضها نحو 77 ملم وقاعدة عجلاتها 75 ملم، بينما أنخفض ارتفاعها 55 ملم.
مقصورة رياضية أنيقة لا تنقصها التكنولوجيا الحديثة
يمكن القول إن نيسان لم تولِ اهتمامًا كبيرًا بالخطوط الخارجية فحسب، إذ جاءت الخطوط الداخلية محدّثة بالكامل ومختلفة عن الطراز السابق بدورها.
وفي هذا السياق، تحولت لوحة القيادة لتتضمن فتحات تهوئة صغيرة وبهيئة مستطيلة نسبيًا للمكيف الأوتوماتيكي بأعلى الكونسول الوسطي. أيضًا، باتت لوحة القيادة لها شكل ومعنى حاليًا؛ إذ باتت مزدانة بلمسات برتقالية تتوافق وتتماشى مع الخطوط الخارجية. وبأقصى كل زاوية من زاويتي لوحة القيادة، هناك فتحات تهوئة دائرية للمكيف، تمامًا مثل الطراز السابق، لكنها باتت حاليًا تتضمن لمسات كرومية جذابة.
وفي منتصف لوحة القيادة، تقبع شاشة ملونة قياس 7 بوصات تتيح التحكم في النظام الصوتي ونظام الملاحة وأيضًا التطبيقات التي يتم تحميلها، فضلاً عن نظام “سيري” للتحكم في الأوامر الصوتية من خلال الاتصال بنظام “آبل كار بلاي”.
ومن ضمن التجهيزات المعتمدة، نظام “بوز” المكوّن من ست سماعات والمصمم خصيصًا لميكرا الجديدة، مع توافر مكبر للصوت على كل عمود A، وسماعات “بوز سوبر 65” على الأبواب الأمامية وكذلك زوج من السماعات مثبّت بمسند رأس مقعد السائق.
وبدوره جاء الكونسول الوسطي مزدانًا بلمسات برتقالية، كما تحيط بذراع ناقل الحركة زوائد فضية تتماشى مع تلك المدعمة بالمقود ثلاثي الأذرع متعدد الاستخدامات ذات النهايات المسطحة. وخلف المقود، تستقر لوحة العدادات التي تجعل ميكرا الأحدث مواكبة للعصر؛ فعوضًا عن الاستعانة بعداد كبير للسرعات في المنتصف تمامًا، استعانت نيسان بتصميم أكثر عصرية من خلال اعتماد عداد لعدد دورات المحرك على اليسار وآخر لقياس سرعة السيارة على اليمين، مع تموضع شاشة فئة TFT بشكل رأسي في المنتصف بينهما.
وبالنسبة إلى مستويات العملانية، فإن نيسان تؤكد أن عرض السيارة المعزز وكذلك زيادة طول قاعدة العجلات، أسهما بشكل كبير في أن يجعلا رحابة مقصورة ميكرا هي الأفضل بين عروض فئة السوبر-ميني، مع إمكانية طي قسم المقاعد الخلفية لتعزيز مساحات التحميل.
محركان نشطان بقدرة 89 حصانًا
ميكانيكيًا، يتوافر عند إطلاق ميكرا الجديدة لعام 2017 محركان فقط: الأول بنزيني مستعار من رينو من ثلاث أسطوانات سعة 0.9 ليتر مزوّد بشاحن هواء “توربو”، والآخر ديزل من أربع أسطوانات سعة 1.5 ليتر، والمحركان يولدان ٨٩ حصانًا. وفي وقت لاحق، سيتم اعتماد محرك عادي السحب سعة ليتر واحد بقدرة 75 حصانًا.
وتتوقع نيسان أن تتميز المحركات الجديدة بأداء رشيق مميز، وإن كان من الصعب تخيل أن توفر سيارة هاتشباك، حتى لو كانت صغيرة الحجم، مزودة بمحرك أقل من 100 حصان، تجربة قيادة مثيرة!
صغيرة بالحجم وكبيرة بالسلامة والأمان
زودت ميكرا بنظام منع إنغلاق المكابح ABS ومساعد الكبح BA وموزع قوى الكبح عند الطوارئ EBD، جنبًا إلى جنب مع وسائد الهواء المتنوعة ونظام التحكم الإلكتروني بالثبات ESP، اضافة الى أحزمة الأمان ثلاثية نقاط التثبيت والمزودة بخواص الشد المسبق والارتخاء التدريجي. أما باقة الأنظمة الإلكترونية المعتمدة، فتتضمن نظام الكبح عند الطوارئ مع إمكانية التعرف على المشاة، كاميرا محيطية شاملة، نظام للتعرف على العلامات واللوحات المرورية على الطريق، ونظام التحذير من الزوايا غير المرئية، وغيرها.
كما تستفيد هذه السيارة من نظام نشط للتحكم بالسلوك من أجل تحسين الراحة أثناء السير. وبطبيعة الحال، مع محرك أقل من 100 حصان، فإن أحدًا من الزبائن لن يدور بخلده في أثناء شراء السيارة القيام بمناورات حادة بها. لكن، هذه الخاصية لا تتوافر إلا مع قاشقاي وإكس-ترايل الشقيقين، وهو ما يعني تميّز ميكرا الأحدث بكل تأكيد. ومن أجل توجيه أفضل وسرعة استجابة أعلى، يمكن اختيار نظام توجيه بمؤازر كهربائي.
أخيراً، لا يسعني سوى القول إن التصميم الداخلي والخارجي لميكرا الأحدث مميز ومذهل بحق مقارنة بالطراز السابق، بل مقارنة بالأجيال الأربعة جميعها. أيضًا، هناك العديد من الأنظمة التقنية المتطورة، كما باتت السيارة بنكهة رياضية معززة وأكثر ترحيبًا من أي وقت مضى. ولا شك أن ميكرا هي سيارة مدنية بامتياز تسفر عنها معدلات منخفضة من استهلاك الوقود، وهو ما يعني أنها ستشكل خطرًا حقيقيًا على العروض المتوافرة حاليًا بفئة السوبر-ميني شأن فورد فييستا وهوندا جاز، وغيرهما، فور طرحها في الأسواق ربيع العام المقبل.
ولكن، قد تخدع الزبائن الطلة الخارجية الحادة وتلك الداخلية الرياضية، وهو ما يجعلهم يعتقدون بأن هناك محركًا ما عالي الأداء خلف الغطاء الأمامي. لذا، ولسوء الحظ، فإن هذا الأمر ليس مطروحًا؛ فالمحركات المعتمدة لا تتجاوز قوتها حاجز الـ90 حصانًا، كما أن السير على الطرقات السريعة سيكون مملاً دون شك. لكن، في حال نجاح الزبائن في إقناع نيسان بأن ميكرا ينبغي أن تدعم بمحرك يولد 150 حصانًا على الأقل، فإن مستقبلاً رائعًا سينتظر حتمًا تلك الهاتشباك المدنية المدمجة.
ابرز مواصفات
المحرك
عدد الاسطوانات 3
السعة (ليتر) 0.9 مع توربو
القدرة (حصان/د.د) 89 / 5500
العزم (نيوتن متر/د.د) 150 / 2250
المقاييس
الطول (ملم) 3999
العرض (ملم) 1740
الارتفاع (ملم) 1450
طول قاعدة العجلات (ملم) 2520
انظمة ثبات القيادة ABS/EBD/BA/ESP/…
نقل الحركة
الدفع أمامي
علبة التروس أوتوماتيكية أو يدوية من 5 سرعات
الاداء
السرعة القصوى (كلم/س) 175
تسارع من صفر الى 100 كلم/س (ثواني) 12.1
معدل استهلاك الوقود (ليتر/100 كلم) –
نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون (غ/كلم) –