بوغاتي شيرون: خليفة فايرون تتفوق على منافسيها… بسنوات ضوئية

على الرغم من أن القرن الحادي والعشرين شهد إطلاق العديد من سيارات السوبر-كار الخارقة لكن في ما يتعلق بالأداء هناك طراز واحد يتفوق على منافسيه ليس فقط بأشواط قليلة، وإنما بسنوات ضوئية كاملة (السنة الضوئية تبلغ 9.46 تريليون كلم)، إذا جاز التعبير!

مع مطلع الألفية الجديدة، لم يَفُق أي طراز سوبر-كار آخر شهرة بوغاتي فايرون التي تم إيقاف إنتاجها عام 2015 الماضي بعد إنتاج 450 وحدة خلال أكثر من عشرة أعوام. وفي غضون هذه الفترة نالت فايرون لقب أسرع سيارة مخصصة للاستهلاك التجاري الواسع تسير على الطرقات العامة في العالم. وفي عام 2010 دخلت النسخة فايرون سوبر سبورت موسوعة جينيس للأرقام القياسية بعد تسجيلها سرعة 415 كلم/ساعة، وهو رقم قياسي لم تستطع أي سيارة أخرى تحطيمه حتى الآن!

لكن، يبدو أن هذا الرقم القياسي لن يصمد طويلا إذ أزاحت بوغاتي الفرنسية الستار عن خليفة الموديل فايرون، أي الطراز شيرون، مؤخرًا بمعرض جنيف الدولي للسيارات في دورته التي اختتمت فاعلياتها في شهر أذار (مارس) الماضي.

وفقًا لبوغاتي فإن شيرون تعد “السيارة السوبر-كار الأقوى والأسرع والأكثر فخامة وحصرية في العالم”؛ إذ باتت تستعين بمحرك جديد فئة W16 وبسعة 8 ليترات يولد 1500 حصانًا تقريبًا مع أقصى عزم دوران يبلغ 1600 نيوتن-متر. ويكفل ذلك المحرك “الخارق” اختراق الحاجز المئوي من السكون في غضون أقل من 2.5 ثانية، مع تسجيل سرعة قصوى مقدارها 420 كلم/ساعة.

وإذا كان قد تم إنتاج 450 نسخة من عروض فايرون المختلفة فمن المرجح أن تنتج بوغاتي ما يقرب من 500 وحدة من سيارتها شيرون الخارقة الجديدة، مع تلقي 300 طلبًا للشراء. وقد يتم إنتاج 70 وحدة سنويًّا.

وبالانتقال إلى الفئة السعرية لشيرون نجدها ليست رخيصة على الإطلاق؛ إذ يبلغ سعر الوحدة الواحدة 2.4 مليون يورو (2.61 مليون دولار تقريبًا).

تصميم ديناميكي-رياضي لم يغفل الطابع العصري

يمكن القول إن شيرون الجديدة تحمل طابعًا تصميميًّا مطورًا انطلاقًا من تصميم الطراز السابق فايرون، وقد يرى البعض هذا الاتجاه محافظًا بعض الشيء لكنه بديهي للغاية ويعكس رغبة بوغاتي في الحفاظ على قاعدة عملائها الحاليين عوضًا عن استقطاب زبائن جدد.

وعلى الرغم من أن الخطوط الخارجية قد لا تبدو مميزة من الوهلة الأولى فإن مهندسي ومصممي الصانع الفرنسي لجؤوا إلى القيام بالعديد من التحسينات والتغييرات لتحويل فايرون إلى شيرون. وفي هذا السياق نالت شيرون مصابيح رئيسية فئة LED أنحف على صعيد الحجم مقارنة بالطراز السابق، وكل مصباح يتضمن أربعة أجزاء مربعة لافتة مغلفة بألياف الكربون، كما تعمل عمل فتحات التهوئة من خلال توجيه الهواء نحو أنظمة الكبح الأمامية. أيضًا، لم يعد غطاء المحرك يمتد إلى الصادم الأمامي كما هو الحال سابقًا، وإنما بات يتخذ هيئة حرف V تضفي طلة جريئة مفتولة العضلات على المقدم بوجه عام.

وبالمثل جاءت فتحات التهوئة السفلية أنحف مقارنة بتلك المعتمدة بفايرون، علمًا بأن كل لمسات المقدم المعتمدة يكمن الغرض منها في أن تبدو شيرون عريضة قدر الإمكان.

ومن الأجناب باتت شيرون أكثر اختلافًا من فايرون، لا سيما لجهة الانحناءة الانسيابية المتخذة هيئة حرف C، كما بات خط السقف منحنيًا بشدة باتجاه المؤخر، مع الاستعانة بعجلات قياس 20 بوصة في الأمام و21 بوصة في الخلف.

وبالانتقال إلى المؤخر نجده مكونًا من ثلاثة أجزاء مع عاكس هواء خلفي أكبر حجمًا وشريط من المصابيح الخلفية العريضة يمتد لـ1.6 متر ويتضمن 82 لمبة LED فائقة التوهج. أيضًا جرى الاستغناء عن مخرج العادم المثبت بوضعية وسطية مع فايرون، لصالح مخرجي عادم جريئين مثبتين بمنتصف المؤخر تقريبًا، بينما يبدو عاكس الهواء كأنه مشتق من أحد العروض المخصصة للسباقات!

المقصورة الداخلية.. “تحفة فنية أصيلة”

شأنها شأن معظم عروض بوغاتي الأخرى، جاءت المقصورة الدخلية لشيرون الجديدة تحفة فنية أصيلة بحق؛ فمثلما جرت العادة مع فايرون نجح مصممو بوغاتي في الوصول إلى ذلك التوازن المثالي بين الطابع الرياضي والترف الطاغي بمقصورة شيرون، وهو ما يجعل الأخيرة تختلف كليًّا عن أي سيارة سوبر-كار متوافرة حاليًّا في الأسواق.

ويبرز كذلك عدم الاستعانة بأي مكونات بلاستيكية بالمقصورة؛ فأي سطح داخلي إما أنا يكون مكونًا من ألياف الكربون أو الألمنيوم أو مغطى بالجلود الفاخرة. وفي المجمل جاء التصميم العام بسيطًا وأنيقًا لم يخلُ من الطابع العصري. وإذا كانت الخطوط الخارجية ما زالت تحمل بعض ملامح الطراز فايرون السابق فإن الأمر يختلف تمامًا مع المقصورة الداخلية؛ إذ أعادت بوغاتي تصميم كل سطح داخلي وكل زرار للتحكم. وفي هذا السياق جرى الاستغناء عن وحدة الأدوات الوسطية العريضة بمقصورة فايرون لصالح وحدة أصغر حجمًا مع أربعة أزرار تحكم متراصة عموديًّا مع شاشات عرض صغيرة بهم، وهو ما أسهم في جعل المقصورة الداخلية أكثر رحابة عن أي وقت مضى.

وبالمثل، جاءت لوحة العدادات جديدة تمامًا، مع الاستعاضة عن العدادين الصغيرين لصالح شاشتين فئة TFT، علمًا بأن الشاشة على اليمين تعرض خرائط النظام الملاحي، بينما جاء العداد الرئيسي للسرعات بسيطًا وأنيقًا ويتضمن مؤشرات بيضاء على خلفية زرقاء، كما يعرض السرعات حتى 500 كلم/ساعة.

وبالانتقال إلى المقود بلونيه المتناقضين المتناغمين ذي النهايات المسطحة، فنجده يتضمن أذرعًا من الألمنيوم وأزرار تحكم زرقاء اللون. أيضًا، تؤكد بوغاتي أن المقاعد جاءت أكثر راحة مقارنة بعروض السوبر-كار المنافسة، كما توفر الدعم الكافي عند استنفار الأداء “العصبي” للسيارة.

وشأنها شأن أي سيارة نخبوية أخرى، استفادت شيرون من نظام صوتي عالي النقاء يتضمن مكبرات صوتية أربعة تحتوي على مكونات نفيسة مثل اعتماد قيراط ماس بكل مكبر صوتي. أما شعار “بوغاتي” الغني عن التعريف والمنتشر في كل أنحاء المقصورة، فجاء مصنوعًا من مادة المينا والفضة الصلبة. أيضًا، يتوافر صندوق قفازات مبرّد لتتمة الطابع الفخم بالسيارة.

وعلى الرغم من أن شيرون قد تصيب العديد من عروض الليموزين النخبوية غالية الثمن بالحرج والخجل بفضل خصائصها وتجهيزاتها المترفة الغنية، فإنها لا تستطيع مجاراة العروض السابقة في ما يتعلق بمستويات الرحابة. وعلى الرغم من إجراء بعض التحسينات الطفيفة في هذا الشأن، مثل زيادة المساحات المخصصة للرؤوس بمقدار 12 ملم مقارنة بفايرون فإن السائقين طوال القامة قد يعانون نسبيًّا في أثناء قيادة شيرون، تمامًا مثلما كان الحال مع الطراز فايرون السابق.

محرك “خارق”.. لا يلائم أصحاب القلوب الضعيفة

تستفيد شيرون الجديدة كليًّا من محرك جديد فئة W16 بسعة 8 ليترات وهو يولد 1479 حصانًا تحديدًا مع أقصى عزم دوران يبلغ 1600 نيوتن-متر. وبات المحرك الجديد يستعين بأربعة شواحن توربينية عوضًا عن نظام شحن الهواء ثنائي المراحل بمحرك فايرون السابق. ويمكن للسيارة الوصول لسرعة 100 كلم/ساعة من السكون في غضون أقل من 2.5 ثانية، مع تسجيل سرعة قصوى مقدارها 420 كلم/ساعة. ووفقًا لبوغاتي فإن الصانع الفرنسي يسعى وراء تسجيل رقم قياسي جديد للسرعة مع شيرون، لا سيما مع الاستعانة بأكبر قابض فاصل عالي الأداء على الإطلاق جرى تدعيمه بسيارة ركوب، وفقًا للصانع الفرنسي.

ومع هذه الأرقام التسارعية الجديدة فإن شيرون أقوى من منافستها المباشرة كوينغسيغ One:1، بمقدار 139 حصانًا إضافية، وإن جاءت شيرون أثقل وزنًا من السوبر-كار السويدية؛ إذ يبلغ وزنها الإجمالي 1995 كلغ.

ونالت شيرون كذلك بنية هيكلية أحادية جديدة مصنوعة من ألياف الكربون، وللمرة الأولى فإن مؤخر السيارة جاء مصنوعًا كذلك من ألياف الكربون، علمًا بأن معدلات الصلابة الالتوائية قد جرى تحسينها بصورة كبيرة، والفضل يعود إلى الاستعانة بنظام توجيه كهربائي جديد ونظام تعليق معدل. وفي هذا السياق هناك شاسي متأقلم جديد مع خمس وضعيات لتهيئة السيارة للسرعة المثالية على طرقات بعينها. أما عن الكبح فهناك آليات فكية من ثمانية مكابس في الأمام ومن ستة مكابس في الخلف، كما أن أقراص الكبح جاءت مصنوعة من الكربون وكربيد السيليكون.

ويبدو أن بوغاتي قد أنصتت جيدًا لشكاوى ملاك فايرون؛ إذ قامت باعتماد إطارات ميشلان “سهلة التثبيت وبتكلفة تشغيل أقل”، على حد قول العلامة الفرنسية المخصصة لإنتاج السيارات السوبر-كار؛ حيث باتت الإطارات أعرض بمقدار 14 بالمئة في الأمام وبمقدار 12 بالمئة في الخلف، لمواكبة الطاقة الضخمة المتولدة من المحرك وكذا السرعة القصوى العالية.

بوغاتي شيرون.. ما لها وما عليها:

على الرغم من أن الوقت ما زال مبكرًا لإصدار حكم على تلك السيارة “الخارقة” لكن من المرجح أن تنال شيرون النجاح نفسه الذي لاقته فايرون الشقيقة، لا سيما أنها استفادت من طلة تصميمية وأيرودينامية محسنة، وكذا الاعتماد على محرك قوي للغاية يعد بمستويات تسارع غير مسبوقة. وستنال شيرون بدورها برنامج التعديلات حسب الطلب، أسوة بفايرون، والذي يشمل إطلاق العديد من النسخ محدودة الإنتاج ويوفر وسائل عديدة لا نهائية لجعل السيارة تتفق مع أذواق زبائنها المحظوطين، ناهيك بالتطلع نحو تسجيل رقم قياسي جديد وتطوير العديد من النسخ الخاصة عرفانًا بجميل إرث بوغاتي التاريخي العريق.

لكن، شأنها شأن فايرون فإن شيرون تفتقر إلى قدرات التسابق الحقيقة على حلبات السباقات الشهيرة شأن نوربرغرينغ ولاغونا سيكا، فضلاً عن كونها أثقل بكثير من منافسيها على صعيد الوزن الإجمالي، ناهيك بأن فئتها السعرية مرتفعة للغاية، ولا يقدر عليها سوى أثرى الأثرياء، كما أنها أغلى سعرًا من أقرب منافسيها كوينغسيغ One:1 التي يبلغ سعرها 2.4 مليون دولار أميركي.

قد يعجبك ايضا