هل يختفي وقود الديزل من الأسواق العالمية؟

يبدو أن وقود الديزل قد يوشك على الاختفاء من الأسواق العالمية للسيارات في غضون الأعوام العشرة المقبلة؛ إذ يواجه هذا النوع من الوقود “إعصارًا” شديدًا من المنافسة الآتية من عروض السيارات الكهربائية رخيصة الكُلفة من جانب، والمعايير الصارمة للهيئات الحكومية بالدول المختلفة التي تُفرض على وقود الديزل والمتعلقة بالانبعاثات السامّة، مِن جانب آخر!

وفي هذا السياق، توقّع بنك UBS السويسري أن يُسهم الانخفاض المُطرد في تكاليف تطوير السيارات الكهربائية وتلك الهجينة في أن يَسلب وقود الديزل ميزته التنافسية المهمة المتعلقة برخص ثمنه، إضافة إلى المعايير الصارمة المتعلقة بالانبعاثات الكربونية الضارة وتزايد حالة الحنق العام على هذه الفئة من الوقود في أعقاب فضيحة انبعاثات فولكسفاغن أو “ديزلجيت” التي اندلعت شرارتها في خريف عام ٢٠١٥، علمًا بأن كل هذه العوامل مجتمعة ستسفر عن انخفاض الحصة العالمية لمبيعات السيارات العاملة بوقود الديزل من ١٣.٥ في المئة إلى ٤ في المئة فقط بحلول عام ٢٠٢٥.

وفي أوروبا، معقل وقود الديزل وأكبر سوق عالمية لهذا النوع من الوقود، ترى المؤسسة السويسرية العريقة المعنية بالخدمات المالية والمصرفية أن مبيعات وقود الديزل ستنخفض من ٥٠ في المئة حاليًّا إلى ١٠ في المئة خلال العقد المقبل.

ويمكن القول إن مبيعات وقود الديزل في أوروبا قد انخفضت بشكل بطيء منذ عام ٢٠١٢، أي قبل خمسة أعوام تقريبًا، ولكن تسارعت وتيرة الانخفاض بشكل مقلق في غضون الأشهر الاثني عشر الماضية بسبب فضيحة انبعاثات فولكسفاغن.

ورغم أن العديد من المؤسسات المعنية الأخرى قد تنبأت بانخفاض مبيعات وقود الديزل فإن توقعات البنك السويسري UBS كانت أكثرها تشاؤمًا، لا سيما أن العديد من صانعي السيارات يقلقهم بشدة مفهوم ما إذا كانت سيارات الديزل ستكون صالحة للاستخدام أو قادرة على الاستمرار في المستقبل أم لا!

وما يؤكد إمكانية تخلي الصانعين عن تطوير سيارات عاملة بالوقود الأحفوري التقليدي، سعيهم الدؤوب مؤخرًا إلى تقديم العديد من العروض الكهربائية في محاولة للانصياع إلى المعايير الصارمة المتعلقة بالانبعاثات الكربونية في العديد من الدول حول العالم.

وفي المقابل، لم يعد وقود الديزل الذي تسفر عنه انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون تقلّ بمقدار الخُمس مقارنة بوقود البنزين، خيارًا سهلًا مثلما كان في السابق بسبب القوانين الصارمة المتعلقة بانبعاثات أكسيد النيتروجين تحديدًا، والتي تنبعث من محركات الديزل! وبسبب ذلك، يعتزم معظم صانعي السيارات تقريبًا إطلاق سيارات كهربائية بالكامل في غضون الأعوام الخمسة المقبلة.

وعلى الأرجح، ستتم الاستعاضة عن سيارات الديزل بتقنيات جهد ٤٨ فولتًا الهجينة، والتي تتضمّن محركًا بنزينيًّا صغيرًا مع بطارية كبيرة الحجم، وذلك لتوفير معدلات مميزة لاستهلاك الوقود مع الأداء الجيد مثل تلك التي توفّرها عروض الديزل، لكن مع القضاء على انبعاثات أكاسيد النيتروجين، على حد قول بنك UBS.

وتتوقّع المؤسسة السويسرية المرموقة أن تتفوق مبيعات السيارات المجهزة بتقنيات جهد “٤٨ فولتًا” على مبيعات سيارات الديزل عالميًّا بحلول عام ٢٠٢١، على أن تستحوذ على حصة مقدارها رُبع السيارات المبيعة بحلول عام ٢٠٢٥.

وكانت مبيعات سيارات الديزل قد ارتفعت لمستوى قياسي في عام ٢٠١٢ في أوروبا، لا سيما مع إخضاع هذا الوقود لضريبة تقل بمقدار ٠.١٥ يورو لكل لتر مقارنة بالضريبة المفروضة على وقود البنزين، وهو ما أضاف إلى شعبية وقود الديزل.

ولكن، تعهدت دول أوروبية شأن فرنسا وبلجيكا ردم هذه الفجوة، بل إن المملكة المتحدة تسعى إلى إعاقة بيع سيارات الديزل عالية التلوث من خلال مناقشة إضافة ضريبة قد تصل إلى ٥٠٠٠ جنيه إسترليني لمواجهة مشكلة تلوث الهواء وأثره السلبي على الصحة العامة؛ إذ أشارت الدراسات إلى أن هناك أكثر من ٤٠.٠٠٠ حالة وفاة سنويًّا في المملكة المتحدة بسبب تلوث الهواء! وفي الوقت نفسه، أعلنت مُدن وعواصم أوروبية شأن لندن ومدريد وباريس وأثينا اعتزامها حظر سير سيارات الديزل في مناطق وسط البلد في هذه المُدُن.

ورغم كل شيء، سيهيمن وقود الديزل بشكل كبير على عروض أو قطاعات بعينها من السيارات، شأن الشاحنات والموديلات الترفيهية الرياضية متعددة الاستخدامات SUV كبيرة الحجم.

قد يعجبك ايضا