خطاب رسمي يكشف خططها لتطوير سيارة ذاتية القيادة: هل تغيّر آبل من مستقبل صناعة السيارات؟

للمرة الأولى منذ ظهور العديد من التقارير التي تفيد عن عزم شركة آبل الأميركية على تطوير سيارات في مطلع عام ٢٠١٥، قامت الشركة العملاقة المتخصصة في تطوير هواتف “آيفون” الغنية عن التعريف، بالكشف علانية عن خططها لتطوير سيارات ذاتية القيادة، وذلك من خلال خطاب وجهته إلى الهيئة القومية الأميركية المعنية بالسلامة المرورية على الطرقات السريعة NHTSA، تحثّ فيه الأخيرة على تعزيز “المنافسة العادلة” بين الشركات الوافدة الجديدة في عالم صناعة السيارات والصانعين التقليديين القدامى.

نص

في بيان مباشر لا لَبس فيه يصاحب الخطاب الرسمي، أكد متحدث رسمي بإسم آبل أن شركته تعكف حاليًا على تطوير الأنظمة ذاتية القيادة، وهو ما قد يعجّل بتغيير “مستقبل التنقل ووسائل المواصلات” بشكل كبير.

وتصف آبل في خطابها “المنافع المجتمعية المهمة للسيارات ذاتية القيادة،” بوصفها تقنيات تحافظ على حياة البشر، من خلال الحؤول دون وقوع الملايين من حوادث اصطدام وتحطم السيارات وسقوط الآلاف من الضحايا موتى من جراء هذه الحوادث سنويًا.

وتمثل هذه الخطوة نقطة تحول هائلة للصانع الأميركي في سعيه الدائم للحفاظ على سرية تطوير منتجاته الجديدة، لا سيما تلك المتعلقة بالنفاد إلى أسواق ودخول مجالات جديدة لم يعهدها من قبل، مثل عالم السيارات ووسائل التنقل وأيضًا مجالات الرعاية الصحية.

تايتان بين الحقيقة والواقع

ليس سرًا القول إن مئات من موظفي آبل كانوا يعكفون لأكثر من عامين على تطوير سيارة كهربائية، وهو ما أكدته العديد من التقارير الصحفية على لسان مصادر مقربة من المشروع الذي يُدعى “تايتان”، منها تقرير لمطبوعة “فاينانشيال تايمز” البريطانية المعنية بالشؤون الاقتصادية، كشف في شباط (فبراير) من عام ٢٠١٥ عن أن المختبر السري لآبل يقع في منطقة “صنفايل”، أي على بُعد عشر دقائق تقريبًا من المقرات الرئيسية لمجموعة آبل في مدينة “كوبرتينو”، في ولاية كاليفورنيا.

ومنذ ذلك الوقت، ورغم التسريبات والتقارير المتعلقة بالمشروع “تايتان” التي تحدثت عن المشاكل التي تواجهه، رفض مسؤولو آبل التنفيذيين الاعتراف بوجود مثل هذه المبادرة للدخول في عالم صناعة السيارات، من الأساس.

ولكن، تلك الاستراتيجية السابقة لن تُجدي نفعًا الآن، لا سيما مع الخطاب الذي أرسلته آبل للهيئة الحكومية الأميركية، والذي يقع ضمن الحوار التقليدي الدائم بين الهيئة القومية الأميركية المعنية بالسلامة المرورية على الطرقات السريعة NHTSA وصانعي السيارات بشأن لوائح الهيئة المتعلقة بالتقنيات سريعة التطور، علمًا بأن هذا الخطاب الذي تم إرساله في ٢٢ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ذُيل بتوقيع “ستيف كينر”، مدير سلامة المنتجات لدى آبل.

وكان “كينر” قد أشار إلى أن آبل تستخدم تقنية قدرة الآلات على التعلم لجعل منتجاتها وخدماتها أكثر ذكاءً وخصوصية. وأضاف: “أن الشركة ترصد استثمارات هائلة في مجال دراسة قدرة الآلات على التعلم والتشغيل الآلي، وهي متحمسة للغاية من إمكانات الأنظمة الآلية في العديد من المجالات، منها النقل ووسائل المواصلات.”

وفي مطلق الأحوال، فإن هذا الخطاب يمثّل تحولاً كبيرًا في أولويات آبل نحو تطوير الأنظمة ذاتية القيادة المدعمة بالسيارات، لا سيما بعد تعيين “بوب مانسفيلد” رئيسًا لمشروع السيارات مطلع عام ٢٠١٦.

ورغم انشغالها بتطوير الأنظمة المتعلقة بالسيارات ذاتية القيادة، لم يُشر الخطاب من قريب أو من بعيد عما إذا كانت آبل ستذهب بعيدًا لتصميم وإنتاج سيارة لها بالكامل، بخلاف إمداد أحد الصانعين الحاليين بتقنياتها هذه.

هل استحوذت آبل على ماكلارين؟

قبل أسابيع قليلة، ظهرت العديد من التقارير التي أفادت بأن آبل تدرس الاستحواذ الكامل على الصانع البريطاني ماكلارين، أو توطيد العلاقات به بأي شكل من الأشكال. ورغم أن هذه الأخبار تم نفيها من الصانع الإنكليزي المتخصص في إنتاج السيارات السوبر-رياضية فإن آبل، في حال قيامها بهذه الخطوة، قد تستفيد من تقنيات ماكلارين وخبرتها في صناعة السيارات المصنوعة من الألمنيوم وألياف الكربون. أيضًا، فإن قسم ماكلارين للتقنيات التطبيقية والذي يختلف عن قسم صناعة السيارات، قد يكون حلاً يجذب آبل إذا ما قررت الأخيرة إنتاج سيارة خاصة بها.

وفي النهاية، فإن ميزانية آبل المتعلقة بالأبحاث والتطوير قد تضاعفت لتصل إلى ١٠ مليارات دولار منذ أن بدأت الشركة الأميركية في تدشين مشروع “تايتان”. وحتى لو لم تجد شريكًا لها في أوروبا، فإن آبل قد تتطلع إلى الصين التي تقوم بإنتاج وتجميع ٢٠ مليون سيارة تقريبًا سنويًّا، وهو ما يعني أن فرص قيام آبل بتصميم وإنتاج سيارة لها بالكامل غير معدومة، بل تتزايد باستمرار يومًا بعد يوم، ويؤكد هذا على أن تلك الشركة الأميركية التي أضرمت ثورة في عالم الهواتف المحمولة من خلال هاتفها “آيفون”، قد تكون لاعبًا مؤثرًا في تغيير صناعة السيارات كما نعرفها حاليًا، وذلك في غضون الأعوام القليلة المقبلة، على أن يبرز نجمها في العقد المقبل، وهو العقد الذي سيشهد سير العديد من السيارات ذاتية القيادة على الطرقات.

قد يعجبك ايضا