المغرب … وجهة صانعي السيارات الجديدة

إذا كانت إيران حاليًّا محط أنظار العديد من صانعي السيارات الكبار لتعزيز عملياتهم في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما مع رفع العقوبات الاقتصادية مؤخرًا عن تلك البلد الشرق أوسطية، فإن المغرب بدورها تعد وجهة محببة لدى الكثير من شركات السيارات لضخ العديد من الاستثمارات بها رغبة في إنعاش وازدهار أعمالهم في القارة الإفريقية السمراء بوجه عام.

وفي هذا السياق، قامت رينو بإنشاء مصنع للسيارات في مدينة طنجة المغربية في عام 2012، بوصفه أكبر مصنع للسيارات في إفريقيا بأسرها؛ إذ أنتج المصنع في عام 2015 الماضي 229.000 سيارة، كما أن سعته الإنتاجية تصل إلى 340.000 سيارة سنويًّا. وبفضل الموقع الجغرافي المميز للمغرب وقربها من العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية على حد سواء، يتم إرسال السيارات المنتجة بمصنع طنجة إلى ميناء “طنجة المتوسط” الذي يبعد عن الأخير بمقدار نصف ساعة فقط، لشحنها وتصديرها إلى بلدان أوروبية شأن إسبانيا وفرنسا وألمانيا.

وبالنسبة إلى المغرب، فإن فوائد ومزايا حجم استثمارات رينو في ذلك المصنع تحديدًا والتي تبلغ 1.6 مليارات يورو، لا تنحصر في توفير 7100  فرصة عمل فحسب؛ إذ تأمل البلد الواقعة في شمال إفريقيا في أن تطور قطاعًا للسيارات يستفيد من قرب العديد من الأسواق الأوروبية منها، إلى جانب تكلفة العمالة المدربة الرخيصة، علمًا بأن عمال السيارات في المغرب يتقاضون ثلث ما يتقاضاه عمال القطاع نفسه في البلدان الأوروبية.

مصنع رينو، ومع الحوافز الضريبية التي توفرها مناطق التجارة الحرة بالبلاد، عمل على جذب واستقطاب العديد من الصانعين الأجانب لقطع غيار السيارات؛ إذ هناك نحو 150  شركة لقطع غيار ومكونات السيارات تستقر بالمغرب، مع الاشارة إلى أن بعضًا من هذه الشركات تزود مصنع رينو بقطع الغيار اللازمة، بينما تعتمد الأخرى على تصدير كل منتجاتها إلى أوروبا وبعض الأسواق الأخرى حول العالم.

وأغرت التوسعات الكبيرة في صناعة السيارات بالمغرب وأيضًا اتساع رقعة سلسلة التوريد والإمدادات، تحالف بيجو-سيتروين لإنشاء مصنع جديد له قرب مدينة القنيطرة شمالي البلاد وعلى الساحل الأطلسي للمغرب، والمنتظر اكتماله في عام 2019 مع سعة إنتاج أولية تبلغ 90.000 سيارة سنويًّا وترتفع في غضون ثلاثة أعوام إلى 200.000  سيارة سنويًّا.

ومن الشركات الأخرى المتعلقة بتصنيع مكونات وقطع غيار السيارات والتي اهتمت بضخ استثمارات لها في المغرب، لا يمكن إغفال شركات شأن “سوميتومو”  و”يازاكي” اليابانيتين و فاليو” الفنلندية، وجميعها أنشأت مصانع تجميع وتصنيع لها بالبلاد وتعتزم حاليًّا التوسع وزيادة حجم استثماراتها.

ومن أبرز الشركات الأخرى المتعلقة بشكل أو بآخر بصناعة السيارات، هناك شركة “سنوب طنجة” الفرنسية المتخصصة في إنتاج قطع غيار عروض رينو؛ إذ بدأت أعمالها في عام 2011 بالمغرب، كما أن معدل دوران رأس المال قد تحقق معها بشكل أسرع من المتوقع.

اشارة الى ان صادرات قطاع السيارات بلغت 4.8 مليارات يورو في عام 2015 الماضي، وهو ما يعني أن هذا القطاع مرشح للنمو بشكل كبير وقد تعتمد عليه البلاد كليًّا في تعزيز نمو اقتصادها في الغد القريب المنظور، لا سيما أن المستهدف توفير 90.000 فرصة عمل بحلول عام 2020 بالإضافة إلى 100.000 فرصة عمل فعلية مرتبطة بهذا القطاع.

ونتيجة لذلك، تدعم وزارة الصناعة المغربية عمليات تصنيع مكونات وقطع غيار السيارات في أربعة مجالات محددة، هي: البطاريات، والمقاعد والمقصورات الداخلية، والكابلات والأسلاك، وأخيرًا قطع الغيار المعدنية وتشكيل القوالب. ويعول المسؤولون بالبلاد على أن تصل نسبة المكونات وقطع الغيار المنتجة محليًّا بالسيارات المصدرة من 40 في المئة حاليًّا إلى 65 في المئة بنهاية العقد الحالي.

وعلى الرغم من أن جنوب إفريقيا ما زالت محتفظة بالمركز الأول كأكبر سوق إنتاج وتجميع سيارات في إفريقيا فإن العديد من المراقبين والمحللين يرون أن المغرب تسير بخطى متسارعة نحو إقصاء جنوب إفريقيا لتصبح السوق الأكبر للسيارات في القارة السمراء في غضون الأعوام القليلة المقبلة، لا سيما أن هناك صانعين آخرين كبار أبدوا اهتمامًا واضحًا بضخ استثمارات وإنشاء مصانع جديدة لهم، منهم على سبيل المثال لا الحصر، فورد وهيونداي وأيضًا فولكسفاغن.

قد يعجبك ايضا