الحرب على ريادة قطاع السيارات الكهربائية.. تشتعل!

يمكن القول إنّ شهر حزيران (يونيو) الحالي شهد العديد من الأحداث المتعلقة بقطاع السيارات الكهربائية؛ إذ أعلنت فولفو السويدية المنضوية تحت جناح جيلي أوتوموتيف الصينية أنها ستقوم بفصل فرعها “بولستر” Polestar ليُصبح علامة مستقلة لإنتاج سيارات كهربائية مميّزة عالية الأداء، تنافس تلك التي توفّرها تيسلا موتورز الأمريكية!

وفي الوقت نفسه، قامت تويوتا اليابانية ببيع آخر حصة لها في شركة تيسلا موتورز؛ إذ كانت تويوتا اشترت ما يقرب من ٣ في المئة من أسهم تيسلا في صفقة قُدّرت بـ٥٠ مليون دولار أمريكي في عام ٢٠١٠، ويعود السبب في ذلك إلى تغيّر في شكل العلاقة بين الشركتين مِن تحالف محتمل إلى منافسة شرسة!

وعلى صعيد موازٍ، أعلنت هيونداي عن اعتزامها إطلاق سيارة كهربائية ذات مدى طويل في النصف الثاني من عام ٢٠١٨ المقبل، في خطوة للدخول في أسواق مزدهرة شأن الأسواق الأمريكية والصينية والأوروبية.

كانت تيسلا موتورز استبدلت في الآونة الأخيرة رئيس قِسم تطوير برنامجها “الملاح الآلي” Autopilot أي “كريس لاتنر”، ليشغل منصبه “جيم كيلر”، علمًا بأنّ الأخير كان انضم إلى تيسلا قبل ١٨ شهرًا وحاليًّا هو مسؤول عن تطوير المكوّنات الصلبة لبرنامج Autopilot. ويكمن الغرض من عملية الإحلال والتبديل هذه تطوير تقنيات القيادة الذاتية لمواكبة المنافسة المحتدمة في هذا المجال.

 

فولفو وانفصال علامتها “بولستر”

في خطوة جديدة تعكس طموحات وتوسعات شركتها الصينية الأم “جيلي أوتوموتيف”، أعلنت فولفو السويدية عن انفصال فرعها “بولستر” ليُصبح علامة مستقلة معنية بإنتاج السيارات الكهربائية عالية الأداء.

وتعهدت العلامة “بولستر” الجديدة أن تقدّم عروضًا متنوّعة من السيارات بفئات مختلفة، عوضًا عن التركيز فقط على السيارات غالية الثمن. وعلى الأقل سيكون البعض مِن هذه السيارات موديلات كهربائية بالكامل، وإن فضّلت الشركة الصمت وعدم الإفصاح عن مزيد من المعلومات، مؤكدة على أنها ستكشف عن مزيد من التفاصيل هذا الخريف.

وستواصل “بولستر” إنتاج السيارات عالية الأداء لفولفو، تمامًا مثل العلاقة بين الفرع الرياضي AMG ومرسيدس-بنز. وسيدير العلامة الجديدة مدير قسم التصميمات لدى فولفو “توماس إنغنلات”.

ويعني هذا أنّ العلامة “بولستر” ستنافس مباشرة الصانع الكهربائي المتخذ من ولاية كاليفورنيا مقرًّا له “تيسلا موتورز”. كما تشكل هذه الخطوة آخر توسعات الشركة الصينية الأم “جيلي أوتوموتيف”؛ إذ أعلنت الشركة الصينية عن اعتزامها إطلاق العلامة Lynk&Co في الصين هذا العام، كما أنها بوصفها مالكًا لشركة London Taxi Company، أعلنت عن اعتزامها إنتاج الجيل المقبل من سيارات الأجرة سوداء اللون الكهربائية في مدينة كوفنتري البريطانية. وفي الشهر الماضي، استحوذت شركة “جيلي القابضة”، بوصفها الشركة الأم لـ”جيلي أوتوموتيف”، على حصة مسيطرة لدى الصانع البريطاني “لوتس” كما استحوذت على ٤٩ في المئة من أسهم شركة “بروتون” الماليزية.

تويوتا تبيع حصتها في تيسلا

قامت تويوتا مؤخرًا بالإعلان عن بيع آخر حصة لها في الصانع الأمريكي تيسلا موتورز، بعدما تغيّر رائد صناعة السيارات الكهربائية من كونه حليفًا محتملًا إلى منافس شرس.

كانت عملية البيع جرى إتمامها في نهاية عام ٢٠١٦ الماضي، ولكن جرى الإعلان عنها فقط قبل أيام قليلة، وذلك بعد فشل الشراكة الاستراتيجية مع تيسلا. وتأتي هذه الخطوة تزامنًا مع إطلاق تويوتا لسيارتها الكهربائية كليًّا، مع اعتزامها ضخّ مزيد مِن الاستثمارات في تقنيات مستقبلية شأن خلايا الوقود الهيدروجينية وتقنيات القيادة الذاتية.

كانت تويوتا اشترت ما يقرب من ٣ في المئة من أسهم شركة تيسلا موتورز في عام ٢٠١٠ بمبلغ قُدّر بـ٥٠ مليون دولار أمريكي، وذلك ضمن صفقة اشتملت على بيع مصنع تويوتا في “فيرمونت” في ولاية كاليفورنيا إلى شركة تيسلا. ووقتذاك، لم تكن الشركة الأمريكية الناشئة تنتج إلا عددًا محدودًا من السيارات الكهربائية الرياضية. ولكن في عام ٢٠١٢، أطلقت تيسلا طرازها الناجح “موديل S” الذي قلب الموازين.

ومع الأسف الشديد، فشلت تلك الشراكة بحلول عام ٢٠١٤، جزئيًّا بسبب التصادم الثقافي بين طبيعة تويوتا المحافظة التي تُبدي مفهوم الأمان والسلامة فوق أي اعتبار، ونزعة المخاطرة لدى الصانع الأمريكي!

وعلى إثر ذلك، توقّفت تويوتا عن بيع “راف ٤ الكهربائية”، وهي سيارة SUV كهربائية قد جرى تطويرها بالتعاون مع تيسلا، قبل أن تبيع جزءًا مِن حصتها في تيسلا في عام ٢٠١٤.

واعتبارًا من أذار (مارس) ٢٠١٦، كان لدى تويوتا ٢.٣٤ مليون سهم في شركة تيسلا مع قيمة كما هي واردة في الميزانية العمومية تبلغ ٥٣.١ مليار ين ياباني (٤٨١ مليون دولار أمريكي). وببيع باقي حصتها في تيسلا في نهاية عام ٢٠١٦ الماضي، فعلى الأرجح تلقّت تويوتا هذا المبلغ. ويجب أن لا نغفل أن قرار البيع جاء ردًّا على خطوة انتهجتها تيسلا مؤخرًا تمثّلت في افتتاح متجر لها في مدينة “ناغويا”، مسقط رأس تويوتا، وهو ما يعزّز مِن انتقالها من مجرد كونها شركة ناشئة إلى منافس واسع النطاق!

هيونداي وتوسّعاتها “النظيفة”!

وفي شأن منفصل، كانت هيونداي أعلنت في شهر حزيران (يونيو) نفسه عن اعتزامها إطلاق سيارة كهربائية ذات مدى طويل في النصف الثاني من عام ٢٠١٨ المقبل. ورغم أنّ المحللين والمراقبين يرون أنّ هذا الموديل لن يُغيّر من أصول اللعبة لخامس أكبر صانع للسيارات في العالم، تحديدًا بسبب كونه يأتي متأخرًا في مجال تقنيات السيارات الخضراء محليًّا وعالميًّا، فإنه يتبقّى القول إن هذا الموديل قد يُنافس على هذا القطاع إذا ما جرى تسعيره بشكل صحيح.

تأتي هذه الخطوة في أعقاب تدهور مبيعات الصانع الكوري الجنوبي بنسبة ١٤ في المئة في شهر أيار (مايو) الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من عام ٢٠١٦. وتُنتج هيونداي فعليًّا الموديل الكهربائي متوسط المدى “أيونيك” Ioniq، ولكن الزبائن ما زالوا يريدون قطع مسافة أكبر بالسيارات الكهربائية التي يقتنونها. ومنذ إطلاق “أيونيك” وطرحها في الأسواق، انتشرت العديد من الشائعات والتقارير الصحفية التي تفيد بأن سيارة المدى الطويل المزمع إطلاقها ستستطيع السير لمسافة ٣٩٠ كلم قبل الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود مجددًا، ولكن الشركة الكورية الجنوبية نفت هذه الشائعات، وهو ما يعني أن المنافس المنتظر سيظلّ يحاول أن يقتفي أثر الطرازين تيسلا “موديل S” وشيفروليه بولت الكهربائية.

ويُشير المراقبون إلى أهمية إطلاق هيونداي لهذا الطراز، في محاولة للحاق بتيسلا موتورز قبل أن تزيد الأخيرة من إنتاجها لـ”موديل ٣” العام المقبل، وقبل أن تُعزز الصين مِن سياساتها تجاه السيارات الكهربائية؛ إذ قامت الصين مؤخرًا بتشجيع استخدام السيارات الكهربائية كما تدرس فرض قوانين تتطلّب أن تشكّل هذه العروض نسبة ٨ في المئة من كل السيارات المبيعة في البلاد مطلع العام المقبل.

تيسلا تُطيح برئيس قسم تقنيات القيادة الذاتية!

للمرة الثانية هذا العام، أطاحت تيسلا موتورز بقيادة فريق برنامجها “الملاح الآلي” Autopilot، وذلك مع احتدام وشراسة المنافسة على تطوير تقنيات القيادة الذاتية. وكانت الشركة الأمريكية قد أعلنت مؤخرًا عن ترك “كريس لاتنر” منصبه كرئيس فريق البرمجيات ببرنامج Autopilot، ليحل محله “جيم كيلر”، والاثنان عملا في شركة “آبل” سابقًا، علمًا بأن “كيلر” يشغل حاليًّا منصبًا معنيًّا بتطوير المكوّنات الصلبة لبرنامج Autopilot.

ويُمكن القول إن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها تيسلا بإجراء تعديل أو استبدال لأحد قياداتها مؤخرًا؛ إذ قام “كريس أورمسون”، الرئيس السابق لتطوير سيارة غوغل ذاتية القيادة، بمغادرة منصبه العام الماضي. وبالمثل، غادر مهندس آخر سابق لدى غوغل وهو “أنطوني ليفاندوفسكي”، شركة تيسلا وذهب إلى شركة “أوبر”.

ويبدو أن تيسلا موتورز تُدرك حجم المنافسة الشرسة في قطاع تطوير السيارات ذاتية القيادة، لذا تُحاول دائمًا مجاراة تلك المنافسة بل وريادة قطاع السيارات الكهربائية، لا سيما أن ذلك القطاع شهد مؤخرًا انضمام العديد من اللاعبين الجُدد في محاولة قضم حصة سوقية لا بأس بها من مبيعات تلك العروض “الخضراء” صديقة البيئة والتي انتعشت وازدهرت خلال الآونة الأخيرة.

قد يعجبك ايضا