بورشه 718 بوكستر: الجمال والعملانية بحلة جديدة

عندما أطلقت بورشه موديلها بوكستر الرياضي المدعم بمحرك وسطي الوضعية للمرة الأولى عام 1996، كان يعدّ أول عروض الصانع الشتوغارتي من فئة الرودستر ذات المقعدين المخصصة للسير على الطرقات العامة منذ الطراز 550 سبايدر.

ورغم أنه نال نقدًا معتدلاً وقتذاك بسبب ما يمثله من خروج على تقاليد بورشه العريقة فإن طراز بوكستر سرعان ما نال استحسان الزبائن وعشّاق عروض بورشه في كل مكان، الأمر الذي تُرجم إلى كونه الموديل الأكثر مبيعًا حتى وصول كايان الـSUV وانضمامها إلى قائمة عروض ماركة شتوتغارت في عام 2003.

وبعد مرور عشرين عامًا بالتمام والكمال، نالت الرودستر بوكستر سلسلة من التحسينات والتعديلات لعام 2017 هي الأبرز في دورة حياتها التي تمتد إلى عقدين من الزمان. وشأنها شأن عروض 911 كاريرا، استغنت بوكستر عن المحركات عادية السّحب، لصالح أخرى جديدة مزودة بشواحن هواء “توربو”، ضمن استراتيجية بورشه الجديدة لخفض نسب الانبعاثات ومعدلات استهلاك الوقود.

وفوق هذا وذاك، باتت تلك المحركات الجديدة مكوّنة من أربع أسطوانات منبطحة، عوضًا عن ست أسطوانات منبطحة سابقًا، وهو ما يجعل بوكستر أول عروض بورشه الرياضية التي تستعين بمحركات رباعية الأسطوانات منذ عقود طويلة. أيضًا، جاءت بوكستر الأحدث تحمل معها اسماً جديداً؛ إذ باتت تُدعى 718 بوكستر من الآن فصاعدًا.

وبالانتقال إلى الفئة السعرية لعروض 718 بوكستر الجديدة، فتبدأ اعتبارًا من 56.000 دولار أميركي للفئة القياسية، بينما يبدأ سعر الفئة S اعتبارًا من 68.400 دولار.

لمسات جمالية معززة

أكدت بورشه على أن كل لوح من ألواح الجسد الخارجي عدا غطاء صندوق الأمتعة واللوح الزجاجي الأمامي وأيضًا السقف القماشي اللين، قد جرى إعادة تصميمه من جديد، وهو ما يعني أن 718 بوكستر الجديدة ليست مجرد نسخة محسّنة بعمق من الجيل الحالي.

وبوجه عام، لم تختلف ألواح الجسد الخارجي بالوافد الجديد كثيرًا عن الطراز السابق، بل ظلت وفية لعروض بوكستر السابقة على مدار العقدين الماضيين. ومن أبرز التحسينات والتعديلات الجديدة، تبرز النهايات الأمامية الأعرض من خلال إعادة رسم الصادم، كما باتت فتحات التهوئة الجانبية أعرض وأنحف من السابق. وبالمثل، جاءت الملحقات الضوئية فئة LED أثناء وضح النهار أنحف بدورها مقارنةً بالطراز السابق، ولم تعد مدمجة بفتحات التهوئة السفلية كما هو الحال سابقًا، وإنما جرى تثبيتها في أماكن مستقلة.

ومن ضمن أبرز التعديلات الجديدة، هناك المصابيح الرئيسية الأحدث فئة “بي-كزينون” المتأقلمة المتوافرة ضمن التجهيزات القياسية.

ومن الجوانب، لا تبدو 718 بوكستر مختلفة كثيرًا عن الطراز السابق، بخلاف الأجنحة التي تُحدّد فتحات التهوئة الجانبية؛ إذ جاءت أكثر حضورًا وتمتد تقريبًا حتى الرفاريف الأمامية، بينما جاءت الشفرات الجانبية أضخم، إضافة إلى المرايا الجانبية الأحدث والعجلات قياس 19 بوصة ضمن التجهيزات القياسية و 20 بوصة ضمن التجهيزات الإضافية.

أما الجهة الخلفية، فاستفادت بدورها من مصابيح وغطاء خلفي جديدين. يشار إلى أن المصابيح الخلفية جاءت بتصميم ثلاثي الأبعاد وتتبنى تقنيات LED المتوهجة، إلى جانب أضواء كبح رباعية النقاط. التحديث الأبرز في المؤخر يتمثل في ذلك الشريط أسود اللون المدمج به أحرف “بورشه” في المنتصف تمامًا. أيضًا، جرى الاستعانة بعاكس هواء خلفي جديد، مع الاحتفاظ بتصميم مخرج العادم المثبّت في وضعية سفلية بمنتصف المؤخر مع الفئة القياسية، في حين تستفيد الفئة S من زوج من مخارج العادم الدائرية، ناهيك عن توافر سقف قماشي ليّن يمكن التحكم بغلقه وانحساره كهربائيًا.

مقصورة مترفة مع تحسينات محدودة

شأنها شأن باقي عروض بورشه، جاءت مقصورة طراز 718 بوكستر بتصميم محسّن، يتضمن لوحة قيادة جديدة مع فتحات مكيف أحدث ولوحة عدادات محسنة. ورغم أنه حافظ على الحجم والتصميم نفسه للطراز السابق فإن المقود نال أذرع جديدة وقسمًا جديدًا في المنتصف، وهو ما يجعله أشبه بالمقود المدعم بعروض 911 الشقيقة.

كذلك لم يتغير أي شيء آخر بالمقصورة الداخلية، وإن قامت بورشه بإجراء بعض التحسينات على الصعيد التقني؛ إذ استفاد نظام بورشه لإدارة الاتصالات PCM من إعداد جديد للهاتف الخلوي وواجهات للنظام الصوتي مع باقة صوتية معززة تتضمن نظامًا صوتيًا عالي النقاء بقدرة ١١٠ واطات، كما يمكن للنظام نفسه أن تتم إضافة وحدة نظام ملاحة به مع خاصية الأوامر الصوتية.

وعن تجهيزات الراحة والترف المتوافرة قياسيًا، يمكن ذكر المقاعد الرياضية بكسوتها الجلدية الفاخرة والحواف النافرة لتثبيت الركاب عند الدخول بسرعة عالية في المنعطفات القاسية، جنبًا إلى جنب مع المكيف عالي الكفاءة الذي يمكن برمجة خياراته أوتوماتيكيًا، والمرايا الخلفية المزودة بخاصية التعتيم التلقائي وحساسات الأمطار ومثبت السرعة وأيضًا مساعد الركن واصطفاف السيارة، وغيرها.

محركان نشطان

على الصعيد الميكانيكي، يقبع في قلب عروض 718 بوكستر الجديدة أحدث محركات بورشه المنبطحة رباعية الأسطوانات المزودة بشاحن هواء “توربو”، والمتوافرة بسعتين: ليترين و 2.5 ليترات، وهما محركان مدعمان بعروض ماكان الأحدث ايضاً.

ومع الموديل القياسي 718 بوكستر، تبلغ سعة المحرك ليترين ويولد 300 حصان و380 نيوتن متر من عزم الدوران عند عدد دورات يتراوح ما بين 1950 و4500 د.د، وهو ما يعني زيادة قدرها 35 حصانًا و100 نيوتن متر من عزم الدوران على التوالي، مقارنة بالمحرك السابق عادي السحب من ست أسطوانات سعة 2.7 ليترات. ومع علبة التروس الأوتوماتيكية مزدوجة القابض الفاصل PDK وباقة “سبورت كرونو”، يمكن اختراق الحاجز المئوي من السكون في غضون 4.7 ثوانٍ، وتسجيل سرعة قصوى مقدارها 275 كلم/س.

أما طراز 718 بوكستر S، فيستعين بمحرك سعة 2.5 ليترات يولد 345 حصانًا و420 نيوتن متر من عزم الدوران عند عدد دورات يتراوح ما بين 1900 و4500 د.د، وهو ما يعني زيادة قدرها 35 حصانًا و60 نيوتن متر على التوالي مقارنةً بالمحرك سداسي الأسطوانات سعة 3.4 ليترات السابق. ووفقًا لبورشه، ومع الاستعانة بعلبة التروس PDK وباقة “سبورت كرونو”، سيتم اختراق الحاجز المئوي من السكون في غضون 4.2 ثوان (أسرع بمقدار 0.6 ثوانٍ عن السابق) وتسجيل سرعة قصوى مقدارها 285 كلم/س.

ولا يعد المحركان الجديدان أقوى فحسب، بل إنهما أكثر كفاءة وخفضًا في استهلاك الوقود بنسبة 13 في المئة عن السابق.

ويتصل المحركان السابقان بعلبة تروس قياسية يدوية سداسية النسب، أو أوتوماتيكية مزدوجة القابض الفاصل فئة PDK ضمن التجهيزات الإضافية، علمًا بأن علبة التروس الأخيرة تتوافر “بنسب افتراضية لخفض معدلات استهلاك الوقود”.

بداية حقبة جديدة

بورشه أكدت على أنها قامت بتعديل نظام التعليق والشاسي لاستيعاب المحركات الجديدة والحفاظ على التوزيع المثالي للوزن، فضلاً عن الاستعانة بنظام توجيه جديد إلكترو-ميكانيكي أكثر دقة بنسبة 10 في المئة عن السابق. كذلك يمكن اختيار نظام إدارة التعليق النشط لدى بورشه PASM الذي يتضمن خفض ارتفاع الهيكل بمقدار 10 ملم للفئة 718 بوكستر القياسية وبمقدار 20 ملم مع الفئة 718 بوكستر S.

وبعد عشرين عامًا تحديدًا على تقديمها، تغيرت بورشه بوكستر بصورة ملموسة؛ فالمحركان رباعيا الأسطوانات المزودان بشاحن هواء “توربو” يمثلان بداية حقبة جديدة لتلك الرودستر الرياضية الجريئة، وذلك من خلال العودة إلى المحركات المنبطحة رباعية الأسطوانات بعد مرور أعوام عديدة على عدم استخدامها. ويمكن القول إن أبرز سمات ومزايا 718 بوكستر الأحدث يتمثل في تحسين معدلات استهلاك الوقود بفضل تقنيات الشحن التوربيني، كما أن المحركات المعتمدة باتت أقوى وأسرع من السابق، فيما باتت جديدة بورشه تتمتع بتصميم رياضي جريء مقارنة بالطراز السابق.

ومن الطبيعي أن يحنّ بعض عشاق تلك الرودستر الجذابة إلى المحركات المنبطحة السابقة سداسية الأسطوانات. وبالمثل، فإن فئات GTS المنتظرة قد لا تستعين بمحركات عادية السحب بعد الآن، وهو أمر قد لا يستسيغه عشاق تلك السيارة رياضية النفس بامتياز، ولكن ايجابياته تتمثل في الخفض من معدلات استهلاك الوقود دون شك.