بورشه باناميرا الجديدة كليًّا لعام ٢٠١٧: جيل ثانٍ يحمل شارة النجاحات.. وأكثر!

قد يصنّف البعض بورشه باناميرا التي يعود إطلاقها إلى عام ٢٠٠٩ في مرتبة وسطية لجهة الأبعاد القياسية بين عروض السيدان النخبوية المتوسطة وتلك كبيرة الحجم، ولكن الحقيقة إنها بالكاد تكون سيارة “معتدلة” أو “عادية”؛ فبحكم كونها أول عروض ماركة شتوتغارت رباعية الأبواب، فهي على الدوام محطّ جدل وخلاف، لا سيما أن أكثر ما يثير حنق محبّي وعاشقي عروض بورشه الأصلية أن تقدّم لهم أي شيء غير عروض رياضية النّفس بامتياز، كما أنها تستفيد من لغة تصميمية غير تقليدية تتبنى خطوطًا منتفخة على المؤخر مع الاستعانة بصندوق أمتعة أشبه بذلك المعتمد بفئات الهاتشباك رغم كونها سيدان في المقام الأول، ناهيك بأنها تتمتع بطموح استثنائي، يجعلها تنافس أفضل عروض السيدان في العالم. كل تلك الخصائص مجتمعة، جعلت من باناميرا أي شيء آخر عدا كونها سيارة “عادية” أو “تقليدية”!

 

ومن خلال معرض باريس الدولي للسيارات ٢٠١٦، قدّمت بورشه جيلاً ثانيًا من باناميرا يتسلّم شارة النجاحات من الجيل السابق، مع تمتعه بخطوط تصميمية خارجية وداخلية أحدث، وخيارات محركات جديدة، إلى جانب العديد من التجهيزات العصرية التي تضمنت مصابيح رئيسية فئة LED وأنظمة إلكترونية متطورة لتعزيز مستويات السلامة والأمان، ونظام شاسي مبتكر، جنبًا إلى جنب مع نظام صوتي ثلاثي الأبعاد فئة “بورمستر” مزود بـ٢١ سماعة، وغيرها.

 

وبصفة مبدئية، أزاحت بورشه الستار عن طرازين لباناميرا: باناميرا 4S المجهزة بمحرك بنزيني فئة V6 مع شاحني هواء “توربو” بسعة ٢.٩ لترات ويولد ٤٤٠ حصانًا، والموديل باناميرا توربو الذي يستفيد من محرك بنزيني بدوره فئة V8 مع شاحني هواء “توربو” بسعة ٤ لترات ويولد ٥٥٠ حصانًا، على أن تتم إضافة نسخة هجين مزودة بشاحن في وقت لاحق.

وبالانتقال إلى الفئة السعرية لباناميرا، فنجد أنها تبدأ اعتبارًا من ٩٩.٩٩٠ دولارًا أمريكيًّا للطراز باناميرا 4S، بينما يبدأ سعر الموديل باناميرا توربو اعتبارًا من ١٤٦.٩٩٠ دولارًا أمريكيًّا في الولايات المتحدة الأمريكية.

خطوط خارجية محسَّنة.. “باعتدال”!

يمكن القول إن الخطوط الخارجية العامة لباناميرا الأحدث لم تختلف جذريًّا عن الطراز السابق، وإنما اتسمت التحديثات بالطابع “المعتدل” أو “العقلاني” غير الثوري، لكنها كافية لإضفاء طلة أكثر عصرية ورياضية على تلك السيارة رباعية الأبواب. وفي هذا السياق، أسهم خط السقف المائل باتجاه المؤخر في تعزيز الطابع الرياضي بشكل كبير؛ إذ جاء منخفضًا أعلى قِسم المقاعد الخلفية بمقدار ٢٠ ملم، جنبًا إلى جنب مع الاستعانة بقاعدة عجلات أطول بمقدار ٣٠ ملم. ومع المحاور الأمامية القصيرة والتفاصيل التصميمية الخارجية الحادة بما في ذلك الأضواء الأمامية والخلفية، فإن باناميرا الجديدة تعطي انطباعًا بأنها أقرب إلى عروض ٩١١ الشقيقة عن الموديل كايان!

وبخلاف الأنف المنخفض الأشبه بعروض ٩١١ الشقيقة، جاء شبك التهوئة الأمامي-السفلي بتصميم جديد وبإشارات انعطاف فئة LED لإضاءة النهايات الأمامية. ويبدو كذلك أن حاجز الهواء بات أعرض نسبيًّا، كما أن إشارات الانعطاف فئة LED أصبحت حاليًّا مدمجة أكثر مع مداخل الهواء بالزوايا، وتبدو أطول مقارنة بالطراز السابق.

وبالانتقال إلى الأجناب، فيمكن القول إن الباب الخلفي بات أقصر نسبيًّا من ذلك المعتمد بالجيل الأول، ويعود الفضل في ذلك إلى إعادة تصميم الربع الزجاجي الأخير من النوافذ الجانبية. وسابقًا، كان ذلك الجزء الزجاجي من النوافذ مدمجًا بالباب الخلفي، ولكن الباب حاليًّا بات مقسّمًا ومقطوعًا نحو الداخل بشكل كبير من الجهة العلوية، بينما جاء الربع الزجاجي الأخير مثبّتًا على عمود C.

وبالنسبة إلى الجهة الخلفية، فنجدها تستفيد من مؤخر هاتشباك مُربع الهيئة أكبر حجمًا مما سبق، وهو ما يغيّر من شكل المصابيح الخلفية والصادم والمنطقة السفلية. وفي هذا الإطار، بات كلّ من المصابيح الخلفية والصادم الخلفي أشبه بهؤلاء المعتمدين بعروض ٩١١ الشقيقة، لا سيما أن المصباحين الخلفيين باتا أنحف ويعززهما شريط شفاف أحمر اللون.

وعلى صعيد القياسات العامة، جاء الطول الإجمالي لباناميرا الجديدة يبلغ ٥٠٤٩ ملم، والعرض ١٩٣٧ ملم، في حين يبلغ الارتفاع ١٤٢٣ ملم. أما عن قاعدة العجلات فباتت بطول ٢٩٥٠ ملم.

كل الراحة والترف لأربعة ركاب

وبالانتقال إلى المقصورة الداخلية، نجدها تستفيد من تصميم جديد يضع في الأذهان أحدث عروض ٩١١ الشقيقة، وإن تضمن تجهيزات تقنية إضافية شأن شاشات العرض عالية الوضوح وباقة من الأسطح العاملة باللمس عوضًا عن الأزرار وعتلات التحكم التقليدية السابقة المجانبة لفتحات تهوئة المكيّف.

وفي سياق مفصّل، لا يمكن إغفال المقود المحسّن الذي بات يتضمن أزرارًا للتحكم بالإيماءات على جانبي الأذرع، كما بات منتصف المقود أصغر حجمًا مع تناثر العديد من الزوائد الكرومية عليه. ولم يطرؤ تغيير كبير على تصميم ألواح الأبواب والمقاعد، وإن باتت الأبواب تستفيد من منطقة تخزين أكبر حجمًا. وبالمثل، بات الكونسول الوسطي يتضمن حاملين للأكواب عوضًا عن واحد فقط سابقًا. وتقبع أمام مسند الأذرع الأمامي، المنطقة التقليدية للتحكم في كل الوظائف الحيوية بالسيارة، مع تراص العديد من الأزرار وعتلات التحكم على كل جانب من جانبي ذراع ناقل الحركة. وباتت هذه الأزرار وعتلات التحكم عاملة باللمس هذه المرة.

وفي المنطقة العلوية، تحديدًا بتابلوه الأدوات الوسطية، هناك شاشة عرض جديدة قياس ١٢ بوصة للجيل الجديد من نظام إدارة التواصل العائد لبورشه PCM، تحلّ محل الشاشة الصغرى في الطراز السابق. وعن لوحة العدادات، هناك عداد تناظري لعدد دورات المحرك تجانبه شاشتان عاليتا الوضوح.

وحتى الركاب في الخلف باتوا يستفيدون من شاشة رقمية عند اختيار وضعية الجلوس ٢+٢، كما جرى إضفاء بعض التعديلات على الكونسول الوسطي بين المقعدين الخلفيين، كما يبدو وكأن مسند الأذرع الخلفي مدمج أكثر بظهر المقعد بالمنتصف، ناهيك بأن منطقة التحكم بالوظائف الحيوية في الخلف باتت حاليًّا أطول وتتضمّن الزوائد السوداء البراقة التي سبق ورأيناها على الكونسول الوسطي في الأمام!

وضمن التجهيزات الإضافية، يمكن اختيار السقف البانورامي المائل، والمقاعد المزودة بخاصية التدليك ونظام صوتي ثلاثي الأبعاد عالي النقاء من فئة “بورمستر” يتصل بـ٢١ سماعة، وغيرها من التجهيزات الأخرى الحصرية.

وبالحديث خصيصًا عن باقة النظام المعلوماتي الترفيهي “كونيكت بورشه” والتي تأتي ضمن الجيل الجديد من نظام إدارة التواصل العائد لبورشه PCM، فبات بإمكان الزبائن الاتصال دائمًا مع سياراتهم وفي أي وقت يشاؤون. ويمكن كذلك للزبائن الاتصال بسياراتهم من خلال هواتفهم الذكية أو من خلال ساعة آبل؛ إذ يمكنهم التحكم في بعض وظائف السيارة عن بُعد مثل فتح وغلق الأبواب واستخدام نظام تحديد المواقع عالميًّا GPS لمعرفة مكان السيارة، ومع فئات E-Hybrid الهجينة، يمكن للزبائن حاليًّا تفعيل خصائص التدفئة والتبريد أو استعراض أي معلومات تتعلق بنظام الدفع الهجين عند الحاجة!

ويتوافر ثلاث باقات لنظام “كونيكت بورشه”، من ضمنها باقة النظام الملاحي التي تتضمن خصائص البحث على الإنترنت عن المطاعم القريبة ومعرفة معلومات حقيقية عن الحالة المرورية الراهنة وخصائص “غوغل إيرث” و”ستريت فيو”، وغيرها.

خيارات محركات متنوّعة

على الصعيد الميكانيكي، وبخلاف استعانة باناميرا ببنية هيكلية جديدة تحت اسم MSB، أخف وزنًا عن السابق، وهو ما يسفر عن اختزال ٩٠ كلغ تقريبًا من الوزن الإجمالي، تستفيد السيارة من خيارات محركات جديدة فئة V6 وV8 مدعمة جميعها بشواحن هواء “توربو”، على أن تتم إضافة نسخة هجين مزودة بشاحن في وقت لاحق.

وفي هذا السياق، يأتي أبرز المحركات البنزينية محرك فئة V6 سعة ٢.٩ لترات مزودًا بشاحنَي هواء “توربو” يولد ٤٤٠ حصانًا مع أقصى عزم دوران يبلغ ٥٥٠ نيوتن-متر. ويمكن للمحرك الوصول لسرعة 100 كلم/ساعة من السكون في غضون ٤.٤ ثوانٍ، وتصل إلى ٤.٢ ثانية مع باقة “سبورت كرونو”. ويسجّل المحرك المدعم بالطراز باناميرا 4S سرعة قصوى مقدارها ٢٨٩ كلم/ساعة. وتستهلك تلك النسخة من ٨.١ إلى ٨.٢ لتر من الوقود لكل ١٠٠ كلم مقطوعة.

أما النسخة باناميرا توربو، فجاءت مدعمة بمحرك بنزيني أقوى فئة V8 مع شاحنَي هواء “توربو” سعة ٤ لترات. يولد هذا المحرك ٥٥٠ حصانًا مع أقصى عزم دوران يبلغ ٧٦٨ نيوتن-متر. وتخترق السيارة المدعمة بهذا المحرك الحاجز المئوي من السكون في غضون ٣.٨ ثوانٍ وتصل إلى ٣.٦ ثوانٍ مع باقة “سبورت كرونو”. وتسجّل السيارة سرعة قصوى مقدارها ٣٠٦ كلم/ساعة. وتستهلك باناميرا توربو ما يتراوح بين ٩.٣ و٩.٤ لترات من الوقود لكل ١٠٠ كلم مقطوعة.

وتأتي بعض نسخ باناميرا بمحرك ديزل للطراز S4 في بعض الأسواق المختارة من ثماني أسطوانات، وبقدرة ٤٢٢ حصانًا مع أقصى عزم دوران يبلغ ٨٥٠ نيوتن-متر، وهو ما يجعل من تلك السيارة أسرع سيارة تجارية في العالم مزودة بمحرك ديزل؛ إذ تخترق الحاجز المئوي من السكون في غضون ٤.٥ ثوانٍ وتصل إلى ٤.٣ ثوانٍ مع باقة “سبورت كرونو”. وبطبيعة الحال، تأتي هذه السيارة بمعدلات استهلاك أكثر انخفاضًا من الوقود تتراوح ما بين ٦.٧ و٦.٨ لترات لكل ١٠٠ كلم مقطوعة.

وتستفيد كل عروض باناميرا الحالية من علبة تروس مزدوجة القابض الفاصل فئة PDK من ثماني نسب تنقل عزم الدوران لنظام دفع رباعي دائم.

وكالعادة، جاءت عروض باناميرا الجديدة مجهزة بالعديد من التقنيات الإلكترونية الحصرية شأن نظام بورشه للتحكم النشط بالتعليق PASM، جنبًا إلى جنب مع نظام بورشه للتحكم بالثبات PSM، وغيرهما.

بورشه باناميرا الجديدة لعام ٢٠١٧.. ما لها وما عليها:

لا جدال على أن توقيت إطلاق الجيل الثاني من باناميرا جاء مثاليًّا، تحديدًا بعد إطلاق بي إم في الفئة السابعة الأحدث بعام واحد، وفي نفس توقيت إطلاق مازيراتي كواتروبورتي الجديدة كليًّا تقريبًا. ومع تصميم خارجي محدّث لا يجنح إلى الراديكالية وخيارات محركات موسعة جديدة وأيضًا مع مقصورة محسّنة لا ينقصها شيء تقريبًا، يمكن القول إن قصة نجاح الجيل الأول من باناميرا ستستمر مع الجيل الثاني الجديد كليًّا لعام ٢٠١٧.

وربما لا تكون باناميرا هي أفضل ما يتطلّع إليه محبّو وعشاق عروض بورشه الأصلية، ولكن باناميرا ما زالت تجني أرباحًا كبيرة تساعد بورشه على تطوير عروضها ٩١١ وكايمان التي طالما افتتن بها هؤلاء المعجبون. وبطبيعة الحال، لا تخلو باناميرا من العيوب أو نقاط الضعف -إذا جاز التعبير– ففئتها السعرية باتت أعلى من السابق، كما يفصل بيننا وبين النسخ الخاصة من باناميرا سنوات قادمة، إذ اكتفت ماركة شتوتغارت بإطلاق طرازين من باناميرا في الوقت الحالي، وإن كنا نأمل إطلاق نسخ خاصة من ذلك الموديل الناجح في القريب العاجل لردم أي هوّة بين باناميرا والعروض المنافسة.

قد يعجبك ايضا